من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
109975 مشاهدة
فضل التحلي بآداب الحج

آداب الحج .. لقاء صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن الجبرين فليتفضل مشكورا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير. نحمد الله ونشكره ونثني عليه ونستغفره، ونسأله أن يوزعنا شكر نعمه وأن يدفع عنا نقمه، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه.
نعرف أنكم سمعتم خيرا كثيرا منذ ابتدأت هذه السلسة في هذا المسجد الشريف، وأنكم قد تزودتم خيرا، وقد علمتم الكثير من أركان الحج ومن واجباته ومن صفته، ومما يتعلق به.
نقول: إن آداب الحج هي الصفات والأخلاق التي يتأدب بها من يريد أداء هذا النسك، ومن يعزم عليه. ولا شك أنها آداب شريفة متى تأدب بها رجي أن يقبل حجه، وأن يترتب عليه الأجر والجزاء الذي ورد فيه.
فقبل أن نبدأ في آدابه، نذكر ما يحصل عليه من أتى بهذه الآداب. وهي الأدلة على فضله، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والفضة .
والمتابعة بينهما هي الموالاة بأن يحج ثم يعتمر، ويحج ويعتمر؛ يعني يواصل بينهما ولا يمل من ذلك ولا يكل ولا يثقله تكرار ذلك، هذا من الموالاة والمتابعة بين الحج والعمرة.
أخبر بفائدتهما، هذه الفائدة قوله: ينفيان الفقر والذنوب. متى يحصل على هذا الأجر؟ إذا أتى بالحج كاملا بآدابه وبسننه.
كذلك أيضا الحديث الثاني، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ما أعظمه من ثواب إذا حصل على الحج المبرور؛ بأن يكون متأدبا بآدابه، أخبر بأنه جزاؤه الجنة. وهي أعظم مطلب وأعظم مقصد، ومن حصل على الثواب بالجنة فقد حصل على أعظم مطلوب.
وكذلك قوله-صلى الله عليه وسلم- من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه هذه أدلة على فضل الحج.
ثم نقول: إن آداب الحج هي الأخلاق التي يتأدب بها من أراده؛ من أراد أن يؤدي هذا الحج.
فمن آدابه: ما يتعلق بالقلب، ومنها ما يتعلق بالبدن، ومنها ما يتعلق بالمال، ومنها ما يتعلق بالأخلاق.